سؤالٌ يطاردني دوماً وإجابته همٌ يؤرقني فباتَ غروبُ الشمسِ الموعدَ المحتم ، فأقِف على شرفةِ المنزل لأراقب تلك النافذة ذات الزجاج المتكسّر فيتراءى لي ظل يطل متلثم بستائر النافذة .
أسكن في هذا البيت منذ سنتين وتلك النافذة تجذبني بقوة بسر أجهله منذ الوهلة الأولى التي لاحظت فيها تكسرها وهو يلوح مع الغروب من بين بيوت الناس المصطفة تحت ذقن الشمس بهدوء شاحب، كان أوّل لقاء لنا كما هذه اللحظة مطرٌ يغسل وجع البيوت التي تراصت تدعمُ جراح بعضها الساكن في قلوب ساكنيها وأنا اقطن على سفح هذا الجبل المتسلط عليها مثل ارستقراطي تعالى على عامة الناس ....
أسكن في هذا البيت منذ سنتين وتلك النافذة تجذبني بقوة بسر أجهله منذ الوهلة الأولى التي لاحظت فيها تكسرها وهو يلوح مع الغروب من بين بيوت الناس المصطفة تحت ذقن الشمس بهدوء شاحب، كان أوّل لقاء لنا كما هذه اللحظة مطرٌ يغسل وجع البيوت التي تراصت تدعمُ جراح بعضها الساكن في قلوب ساكنيها وأنا اقطن على سفح هذا الجبل المتسلط عليها مثل ارستقراطي تعالى على عامة الناس ....
عند احمرارِ خدود الشمس إنّهُ الوقتُ الوحيد الذي أحسُّ فيه أن هذه الغرفة التي تحمل على عاتقها تلك النافذة تدب فيها الحياة ،في النهار سكون تام وفي الليل ظلام دامس ، فقط لحظة الغروب يقف ذلك الشبح خلف الستائر وتُضاء أنوارٌ باهتة آه لو يلد سؤالي اليتيم الجواب .
لا أعلم لمَ قطرات المطر تشدني بقوة للذهاب لذلك المنزل واقتحام تلك الغرفة ، أريد أن أروي عطش فضولي ،
أحياناً أحس أني بت أعشق تلك الغرفة و أتمنى وصلها ، تدور أفكارٌ مجنونة في عقلي ، فأشعر بالغباء منها .
صوت المطر يؤنّبني ويحثني على الذهاب وصوت الرعد يزجرني ويحذرني من العواقب ،
كيف أذهب لبيت أناسٍ لا صلة لي بهم ؟ أأطرق الباب وأقول لهم من فضلكم لدي موعد مع غرفة بيتكم صاحبة النافذة ذات الزجاج المتكسر ؟! حمقاء بأفكار غبية لكن الشتاء يؤزني للذهاب كي أمنح نفسي دفء السؤال .
تباً لصوت المطر المتناغم يعزف في عقلي جنون اللحظة ، ماذا سأخسر بذهابي ؟ لا شيئ ، لا شيئ أخسره لا أعلم لمَ قطرات المطر تشدني بقوة للذهاب لذلك المنزل واقتحام تلك الغرفة ، أريد أن أروي عطش فضولي ،
أحياناً أحس أني بت أعشق تلك الغرفة و أتمنى وصلها ، تدور أفكارٌ مجنونة في عقلي ، فأشعر بالغباء منها .
صوت المطر يؤنّبني ويحثني على الذهاب وصوت الرعد يزجرني ويحذرني من العواقب ،
كيف أذهب لبيت أناسٍ لا صلة لي بهم ؟ أأطرق الباب وأقول لهم من فضلكم لدي موعد مع غرفة بيتكم صاحبة النافذة ذات الزجاج المتكسر ؟! حمقاء بأفكار غبية لكن الشتاء يؤزني للذهاب كي أمنح نفسي دفء السؤال .
فماذا يخشى انسان لا يوجد شيئ يخسره ؟ لا شيئ . سأذهب الآن في خضم اللاتعّقل الذي يعصف بي .
هيا يا قدماي تقدما انزلا سلالم البيت ، هيا لمَ الخوف ؟ يا إلهي نسيت مظلتي ، البيت ليس بعيداً .. بضع رقصاتٍ مع المطر تبعث الروح إلى ارض الأحلام لن تضر ، هيا يا قدماي تشجعا .. وصلنا ! شكراً لك يا قطرات المطر أسعدتني رفقتك أراك في طريق العودة ، ها أنا أمام باب بيت أناس لا اعلم عنهم سوى نافذة ذات زجاج متكسر
أأطرق الباب ؟
ماذا أقول ؟
سأبدو حمقاء...
مغفلة سأعود ولكن إن عدت لن استسلم ثانيةً للحظة جنون صاخبة
اللحظات الحاسمة بين التعقل والجنون تصيب الإنسان بحالة إرباك قاتلة فتشعر بأن الأدرينالين في جسمك بلغ سيله الزبى
وفي لحظات انشغالي بصراعي الداخلي فتح الباب دون سابق انذار ، تخدرت لم أعلم كيف أتصرف ، لكن تلك السيدة التي بدت في بداية ربيع عقدها الرابع تدارَكت الموقف ودعتني للدخول ..
شعرت لحظتها وكأني السندباد وقد قلت الكلمة السحرية " افتح يا سمسم " لكن باب المغارة فتح قبل أن انطق أي كلمة سحرية ، دخلت دون تردد وشعرت بحبور داخلي أجهل مصدره .
كان البيت يحمل طابعَ انثى راقية جدا ، مثقفة جداً ، رقيقة جداً ، وحزينة جداً ، فمنظر الشموع و الموسيقى تأخذك رغماً عن حسّك لرواية " الأجنحة المتكسرة " لجبران ...
دعتني للجلوس ، فجلست وهي جلست تحدق بي والصمت بينا رسول الكلام ، انتظرتها أن تبدأ الكلام لكنها لم تفعل
وفي شرود مني نهضَتْ بشكل مفاجئ كما لو أنها صقر وجد الفرصة المناسبة لمباغتة طريدته وقالت : إتبعيني
دون تردد تبعتها فقادتني إلى باب غرفة كنت متيقنة انه باب الغرفة المنشودة ، وقفَتْ أمامه وقالت : خلف الباب واحة تروي ظمئ عشقك الغريب لشيء تجهلينه ، أترغبين بالدخول ؟ كان جواب مفروغ منه أجل هذا شيء مؤكد فما جئت هنا إلا لأقابل تلك النافذة وجها لوجه ..
فتحَتْ الباب فولَجتُ وراءها بلهفة ، كان الظلام يلف الغرفة فبدا المشهد كما حبيب يقابل حبيته لأول مرة فجاءته متنقبة فيمتعض مطالبا أن تنزع نقابها ، فقلت : أتسمحين أن تُشعلي الأنوار ، دون أن تقول شيئا أضاءت الأنوار فَإذا بغرفةٍ فارغة سوى من سجادةٍ بدت لي فارسية الصنع وستارة تغطي النافذة فاقتربتُ من النافذة وأزحتُ الستائر برقّة كما يزيحُ الحبيب الشعر عن وجه حبيبته معلناً انه في مهمة لتقبيلها ،كانت بي رغبة لتقبيل النافذة لكني ضحكت سرا في نفسي من شعوري الاحمق وعاجلني الفضول لمعرفة سر الزجاج المتكسر فأخذت أتلمس الزجاج وكأني استفز تلك السيدة للبوح بكل ما عندها دون سؤال .
أشجاني صوتها الرخيم الذي كسى أرجاء الغرفة بدفءِ عجيب حين قالت : قبل أعوام كنت مكانك قرب هذه النافذة أرشف فنجان قهوة صباحية عندما وقف هو مكاني أنا ، كانت أولى سنين زواجنا بعد سنتين حب قررنا أن نتحدى العالم فيها لأجل أن نكون سويا تخليت عن أهلي لأجله فالحب يأتي مرة واحدة في العمر وكان حبي له جارفا كان الموت لأجله بديهي وكان هذا البيت ثمرة تعبنا سويا إنّه جنة حبنا وهذه الغرفة كانت ستكون غرفة مولود الحب .
إعتدت أن أقف على نافذتها كل صباح أرشف قهوتي عندما جاء في أحد الأيام ليقول ببرود أكثرَ بردا من ثلج الشتاء بأنّ أهله خيروه بيني وبين ميراثه وهو اختار الميراث ،صدقاُ كان ليغدو أحمق لو ترك ثروة كبيرة مقابل حب شعرت لحظتها بغضبِ عارم اجتاحني فلطمت الزجاج محطمة غبائي عليه ، يومها بقيت من الصباح إلى وقت الغروب وأنا أحدق بالزجاج المتكسر إلى أن أدركت في لحظة الغروب أن الحب شعور نبيل في الحياة ، لا يهمّ كيف يقابلك الآخر لكنك تدرك في قرارةِ نفسك أنّك لست الخائن فيمنحك ذلك لذة انتصار خفية . قررت بعدها تمجيد هذا الانتصار بزيارة هذه النافذة يوميا عند الغروب فأمنح نفسي وميض رضا ودافع خفي للتقدم إلى الأمام للأخذ بثأر الحب من كل إنسان طعنه غدرا .
أنهت السيدة كلامها واقتربَتْ من النافذة وقَفَتْ بقربي ونَظَرَتْ لي وابتسمت بادَلتُها الابتسامة واحترتُ أأنظرُ لها بعين الشفقة أم بعين الإعجاب ..
لا اعلم ولكن عشقي لتلك النافذة تعمّق مُنْذُ تلك اللحظة .