skip to main | skip to sidebar

.:: مــ ج ـروحـ،،ــة الــفــؤاد ::.

هناأعشق دفءحروفي وألوذ للكلم عندما تضيق بالهم ظروفي

Pages

  • الصفحة الرئيسية

الأربعاء، 9 مايو 2012

ملاكيّ الحارسان :)





كثر هم أولئك الذين يحبونني وقلة هم أولئك الذين يفهمون عوالمي الخاصة ونبرات روحي الصامتة .
يقال أن الله ينزل الصبر على قلب عبده قبل البلاء فإذا أخذ من امرءٍ شيئ يحبه عوّضه بخيرٍ منه ، ربما كانت أقدار الحياة أن أفقد الرجل الذي عشقته حدّ الموت .. ذلك الرجل الّذي احتلّ مني الروح والفؤاد والكيان استوطنني لآخر العمر فبركان حبّه في قلبي لا انطفاء له وليس للموت أن يخمد ثوران عشقي له ، ربما لم أكن نعم الوفيّة لهذا العشق ولك أكن نعم المخلصة لهذا الحب ولكن هذا لا ينفي أن حبّه منغرس في شيفراتي الوراثيّة وكأنه ولد معي، كان فقده مؤلم ألم يجبرك على الصمود في وجهه ألمٌ يجبرك أن تكون كالذئب كلما ازداد ألماً ازداد شراسة وأنا كان لا بدّ لي أن ازداد شراسة في وجه الحزن أكره نفسي في ثياب اضعف لذلك أجربها على القوة حتى لو كان تمثيلا ، فقط أمام شخصين أكون أنا دون مكابرة دون تمثيل دون أقنعة أمامهما لا حاجة لي بالكلام لأقول إلى أي مدى أشعر بالوجع لأقول إلى أي مدى تقادم الأيام يحفر فيّ الألم أكثر ، تصغرانني سناً تكبرانني ألماً
تقى .. هدى
عندما أحتاج لشخص يمدني بجسر الأمان بأني لست وحيدة ،ولم يتركني زوجي وحيدة أجد تقى تمدّ هذه الجسور لي، أجدها تقول دون كلامٍ منها أنا دوماً قربك أشعر بك أساندك لا داعي للبوح لأفهمك تكفي نظرات عيونك لأعلم ما في قلبك تصغرني بثمانِ سنين أحبّها عندما تشعرني بأنّها أبي وأخي وأختي وصديقتي وعندما تتعثّر قدماي على عتبات الخطأ لا بدّ لي أن أهرع إلى هذى سراً عنها لتزجرني وتؤنبني تلك التي تصغرني بعشر سنوات ، من قال لكوننا أكبر سناً أعلم بالصواب والخطأ هي ترهات اخترعناها لنتسلّط بها على من هم أصغر منّا سناً ، تعجبني قوّتها وهي تقول الصواب وأنا أحاججها وكلّي يقين بأنّي مخطئة أشعر أمامها كالتلميذة وهي المعلمة الّي أخذ منها العمر سنين طوال وأمدّها بالحكمة الوفيرة ، تلك المشاكستان أشعر معهما أنّي طفلة ما زالت تلهو غير مكترثة بما يدور حولها، لكم أعشق عندما أشعر نحوهما بالأمومة وأنا أحاول أن أمدّهما بالحنان والعطف، أن أمنحهما ما يعجز الآخرين ممن حولهما عن منحه ،يثقلني دوماً حمل الأمانة ولكنّهما الأمانة الّتي لا أتثاقل أبداً عن حملها، سأكره نفسي إن تخلّيت عنهما يوماً .
دار حديث بيني وبين هدى عن إحدى قريباتها الأرامل فقلت لها : هي لديها أسرة تحتويها .
فأجابتني مشاكسة : مسكينة أنتِ ليس لديكِ أحد .
قلت : لديّ الله .
قالت : وأنا وتقى .
هي لم تدري بأنّهما يدُ اللهِ الّتي بسطها لي دون سؤال عن أفعالي كانت قبيحة أم حسنة إنّهما الجزاء الأعظم في الحياة، النّاس تعتقد أنّ لديّ ثلاث أطفال لكنّ الحقيقة أنّ لديّ خمس ، ولدان وثلاث بنات ، هما أبعد من ابنتيّ هُما عالمٌ متكامل البناء، وهبه الله لي تعويضاً عما فقدت .
إن أخذتهما الحياة يوماً وأشغلتنا عن بعضنا يكفيني ما عشته معهما من أيامٍ جميلة أضيفها إلى قائمة الأيام السعيدة الّتي عشتها مع زوجي لأكون أوفر نساء الدنيا حظاً ، إنّي محظوظة حقاً ولن يستطيع أحد أن يسلبني هذا الشعور.
شاهدت فيلماً كانت خاتمته مشهد يقف فيه أحد أبطال الفيلم ليودّع أصدقاءه الّذين ماتوا في الحرب، فقال: "نحنُ لا نقاتل لأجل جيوش وإمبراطوريات، نحنُ نقاتل لأجل الرجل الّذي يقف على يسارنا والرجل الذي على يميننا ،فإذا فقدناهم بقيت تلك اللحظات الّتي قضيناها معاً لنتذكّرهم.." وأنا كذلك إذا فقدتهما في دوامات الحياة سأبقى أتذكّر ملاكي الّذي على اليسار ((تقى)) وملاكي الّذي على اليمين ((هدى)) وستبقيان دوماً ملاكيّ الحارسين .
أحبهما في الله ولله وسأبقى أحبهما ما دام في هذا الجسد رمق حياةٍ لم يُزهق !


مرسلة بواسطة .:: مــ ج ـروحـ،،ــة الــفــؤاد ::. في الأربعاء, مايو 09, 2012 إرسال بالبريد الإلكتروني كتابة مدونة حول هذه المشاركة ‏المشاركة على X ‏المشاركة في Facebook

الثلاثاء، 17 أبريل 2012

حكاية حب لليلة واحدة



كان صوت المطر يُطرب الأشجار وحباته تعانق التراب، والبشر يختبئون من دفئه الكامن خلف برودته تحت مظلات تجنبهم عناقه، بينما هي كانت تشارك المزن الاحتفال فكانت مزن مقلتيها سخية العطايا، يختلط ماء السماء بماء عيونها الحار من حرارة اللوعة والألم ،حدقت في سطح البحيرة التي ارتسم على وجهها تلك اللحظات الهاربة من ذاكرتها المثقلة به، وصرير ذلك الجسر الخشبي ــ الذي كان يحمل جسدها جريح الروح ــ من وقع أقدام المارة كان عاجزاً عن اختراق بوابات أذنيها فلم تكترث بالعابرين من فوقه كما لم تكترث بإقبال الليل الذي حاول جاهداً أن ينهرها لتعود إلى بيتها لكن دون جدوى. كان يوماً سيئاًَ في حياتها تكالبت عليها المشاكل وأطبقت عليها الحياة بفكي الهموم والصعاب ،حاولت الخلاص من بين فكيها فإذ بأقدامها تقودها للمكان الذي جمعها أول مرة بذلك الحب الذي خلف في قلبها ألم لا يفتر، انسكب الدمع من عينيها مدراراً ،وعادت الذكريات كسكاكين في قلبها قد انغرست، حتى المطر الذي يُربت على كتفيها ويمسح على شعرها لم تشعر بوجوده، صارت إمرأة في حالة يرثى لها ..هي كذلك حقاً ،لكن صوتاً أيقظها من رحلة التيه ،صوتٌ قاطع عزلة الروح ، صوتٌ مألوفٌ يرفُ مثل حمامة السلام في سماء أذنيها، يحمل لها غصن سلام، خاطبها قائلاً: لماذا تبكي الياسمينة ؟؟
التفت إلى صاحب الصوت ،وجدت وجها عهدته بابتسامته التي تزينه دوما ، رفيق طفولة، رفيق دراسة ،نظرت إليه متفاجئة، مسحت دمعها وقالت : حمزه ؟
- بشحمه ولحمه ولكن ما يبكي صديقتي العزيزة ؟

- لا عليك لا تشغل بالك ، يا لها من مفاجأة سارة هل هي عودة الابن الضال. أين اختفيت كل هذا الوقت دون سؤال هل أغرتك الدنيا فنسيت الطفولة والصداقة ؟
- أنا لم أنس شيئاً، أعترف بتقصيري، لكن ظروفي كانت قاهرة .
- المهم كيف أنت ؟
- بخير الحمد لله ، لكني أصر على معرفة سبب بكائك ولن أدعك حتى أعرفه .
- هي هموم الحياة وأوجاعها.
- هموم من أي نوع ؟
- هموم قلبية .
- هموم أم جروح حب ، هيا أخبريني تبدين كعاشقة رحل عنها حبيبها دون سابق إنذار أو أعذار .
- أنا كذلك يا حمزة ، آلمني وجرحني دون أن أعلم أي ذنب اقترفت في حقه حتى يكون هذا عقابي .

- ياسمينتي يبكيها رجل !! ايه لم أتخيلك أنت ذات القوة يبكيها رجل مهما كان .
- حتى الجبال تنهار .
- لم أعهدك ضعيفة ،لطالما أعجبتني قوتك وصلابتك .
- الحديد يلين إذا وضع في فرن مرتفع الحرارة .
- انسيه وتابعي حياتك .
- وهل النسيان بهذه السهولة ؟!!
- اسمعي لدي حل يخرجك من هذه الحالة السيئة.
- قل ماهو ؟
- ما رأيك أن تحبيني لليلة واحدة ،هذه الليلة فقط وسأكون نعم العاشق .
- حب لليلة واحدة ..ها ها ها ، مجنون كعادتك .
- إذاً موافقة .

- تعلمني أكثر جنونا منك. صدقاً سئمت هذا البؤس الذي تغرق فيه روحي .
- انسي انسي... الليلة أنت حبيبتي ، وأنا الآن أدعوك للعشاء في أفخر المطاعم سيدتي .
- ملابسي مبللة كيف سأذهب للمطعم بهذه الحالة ؟!
- إنها ليلة الجنون يا عزيزتي ، وأنا سأغلق مظلتي لنكون متساويين ، هيا بنا نطرق أبواب المطاعم ، ولنحص عدد المطاعم التي ستطردنا كما المتسولين بسبب مظهرنا الغير لائق .
- مجنون ...أعجبتني الفكرة.
أمسكت يده ، لكن هو طوقها بذراعه بكل رقة وحنان وسارا يطرقان أبواب المطاعم ، ويشاكسان طرقات المدينة.
يتراكضان تحت المطر ،يغنيان تارة وتارة يراقصان المطر ،يصرخان في وجه الضباب ،يجوبان الشوارع بحس طفولي، وعفوية، ويفعلان كل تلك الأمور السخيفة التي يمتنع عن فعلها الكبار بحجة المظهر الاجتماعي اللائق .
كانت ليلة أضحكت القمر وأسعدت النجوم ،لكن الصباح باغت الليل وطعنه من الخلف لينصب نفسه ملكا على عرش الأرض ليسجن ليلة الحب العفوي خلف قضبان الفناء. أشرقت الشمس وكان لابد من الفراق ، وقفا أمام منزلها ليودعا بعضهما ، نظرا لبعضهما طويلاً بصمت الشفاه وكلام العيون كانت ليلة مميزة لهما ،أدركت فيها أن القلب عاشق متلهف للفرح في ثناياه دوماً متسع للسعادة ،كان حب لليلة واحدة لكنها أدركت أن هناك حباً آخر طوقها الليلة وهو لآخر العمر ، فالعشق ليس أسمى معاني الحب هناك حب العطاء حب إسعاد الآخرين ،كان قلب حمزة أسمى من قلب عاشق كان قلباً رحيماً معطاءً ،يسعده سعادة غيره ،عهدته دوماً صديقاً وفياً لكن الليلة اكتشفت فيه أشياء أخرى اكتشفت فيه معنى أن تكون إنساناً بحق ومحباً بحق .
اكتشفت أنه يحبها منذ زمن ،لكن عندما علم بحبها لآخر ابتعد عن دربها حتى لا يبعثر مشاعرها عن طريق الخطأ ، هو محب بحق رضي منها بحب لليلة واحدة ،يعيش عليه بقية عمره كأجمل حب عاشه يوماً.
كان حبا لليلة واحدة ووفاءً لبقية العمر .
مرسلة بواسطة .:: مــ ج ـروحـ،،ــة الــفــؤاد ::. في الثلاثاء, أبريل 17, 2012 إرسال بالبريد الإلكتروني كتابة مدونة حول هذه المشاركة ‏المشاركة على X ‏المشاركة في Facebook

الخميس، 29 مارس 2012

مشردة




في هذا العالم الذي يضج بمعاناة ملايين من المتشردين بلا مأوى بلا طعام بلا أمان بلا  شيئ ، يجوبون دروب الإنسانية متوسلين أولئك عابري السبل لأجل لقمة تقيهم شبح الجوع ، كنت المشردة الوحيدة في العالم التي لا تلعن الحياة ،كنت الوحيدة التي تهرب من المسكن إلى اللامأوى ،كنت مشردة عن سبق إصرار وترصد ،أعلم أن "لماذا " يتقافز الآن في أذهانكم مثل قرد السيرك ، سأبدأ من النهاية ،البداية لا تهم ، كلنا نبدأ المهم كيف ننتهي ،فحقيقة لا ينتطح عليها كبشين أن كل نهاية هي بداية جديدة .


كنت تقليدية جداً أقدس الأصالة ،كما كانت معرفتي به عبررسائل تقليدية بعيداً عن زيف كل ما هو حديث، جلست يا أصدقائي المشردين على مكتبي لاكتب له رسالة أخيرة في ذلك البيت الذي خلفته وراء ظهري ولا يؤلمني مفارقته ولا تؤلبني أشواق له ، وأنا جالسة الآن تحت هذا الجسر أبحث عن دفء الجسد  حول نار أوقدتموها ، وألفظ الأنس بسرد قصتي لوجوه لا أعرفها ولا تعرفني ، ربما الغرباء أكثر قدرة على فهمنا لأنهم يرون من بعيد فتظهر لهم الصورة ثلاثية الابعاد ، ليس كما يراها المقربون منا بصورة ذات بعد واحد مسطح .
لنكمل النهاية ...
حملت قلمي ودفتري القديمين الذين هجرتهما منذ ارتبطت به فما عاد لي حاجة بالرسائل فقد أصبحنا في بيت واحد ، هكذا اعتقدت ، لكن الواقع الذي لمسته أننا كنا بحاجة لأكثر من هذه الرسائل لنتواصل و لنحمي زهرة حبنا التي استسلمت للذبول من صقيع النفور كنا بحاجة لبناء جسور تفاهم بينا ، لقتل الضجر من قربنا ، لنار مقدسة في حياتنا تمنح زهرتنا الدفء ، نعبدها بغباء فإذا ما سأل أحدهم أما لكم عقول ؟ قلنا : هذا ما وجدنا قلوبنا له عابدة ، أصبحت قطعة أثاث في بيته وجودي مفروغ منه ، و أحاسسي ليست بذات أهمية لديه ، كان يئد كل فكرة عاطفية أحاولها لإشعال لهيب الحب بينا من جديد ، لا يهم لم أكن أعبء بذلك كان يكفيني أني قربه والسلام .
لكن عندما ارتكب جرم الخيانة ، لم يعد  "والسلام " ، ليس لأنه أحب أخرى ، هذا إن أحب فعلاً لكنها شهوة عمياء تقوده ولا يقودها ،ولكن الأمر أنه خان والخيانة فعل دنيء ، وأنا أحببت رجلاً نبيلاً ، ولحظة استبدل بالدناءة النبل  تكسرت قيود ذلك الحب وأشرقت شمس الخلاص من عبوديته .
احترت في البداية ماذا أكتب له بعد ما كان ؟! تراكضت الحروف من بين أصابعي بشكل عشوائي غوغائي في كل الاتجاهات رافضة الانصياع لقلمي والانتظام على الورق ، لكن كان لابد من كتابة الرسالة الأخيرة قبل الشروع برحلتي في طرقات الحياة المتشابكة ، في تلك اللحظة بدأ شعور التشرد يسري في دمي ،وسخرت من ذاتي متسائلة كيف يكون شعور الانسان فاقد الوطن والأمان والسكن ،كان لابد من الكتابة لابد ، وكتب له الرسالة ، احتفظت بنسخة منها معي أحملها في جيبي لأتذكر دوما كيف أودعت وطناً وراء ظهري ورحلت لوطن آخر أكون فيه أنا الغريبة .
دعوني أخرج الرسالة من جيبي سأتلوها عليك أنصتوا ، أو لا تنصتوا لا يهم فقط سأقرؤها ...


" أحببت يوماً رجلاً على طيات رباه كان ميلادي ، وحسبت فيه وفاتي ، لكن كيف رسم الوفاة على رقائق معدومة الوفاء ، كانت لتكون وفاة مكتوبة بماء ، لذلك أعلن لك الآن أني مشردة عن رباك ، لا أطلب اللجوء والمأوى لا أطلب الصدقات والحسنات، فقط منذ هذه اللحظة أطالبك بنبذ أي حب لي من قلبك ، فأن تحبني هذا شرف لا تستحقه "


التوقيع : امرأة مغفلة أحبت رجلاً أحمق .   

مرسلة بواسطة .:: مــ ج ـروحـ،،ــة الــفــؤاد ::. في الخميس, مارس 29, 2012 إرسال بالبريد الإلكتروني كتابة مدونة حول هذه المشاركة ‏المشاركة على X ‏المشاركة في Facebook

الثلاثاء، 6 مارس 2012

ذاكرة قُبلة




لا أعلم إلى اين سيأخذني إمتداد هذا البحر، أدمنت غروبه حد السأم، فأودع  الغروب لأستقبل الليل بلهفة الصغار لصباح العيد ،وأحسب كل ليلة عيدي فتقطع الظلمة وصل الأماني المرتجاة،وتنكس الأحلام شوقي المتقد لرؤيتها زائرة  لي في نومي .
في غروب كل يوم أجهد عقلي بالذكريات الباهتة ،لأصقلها من جديد فانا أخاف ان تضيع في زحمة الأفكار والأحداث المكتسحة خاطري، فأسير عبر  ممر من نور يأخذني لطفولتي ،هناك لذلك العالم الوردي  كان ملئه محبة وترابط ،كانت أمي فيه شمعة الميلاد، كنت أذوب أمام قسوتها الرقيقة وحزمها اللين ولا أمل مشاكستها، كانت تعشق ابتسامتي وأنا أهوى حضنها، كان أبي يحبها بقوة وكان حبهما يغمرني سعادة ، كنت أظنها سعادة ستدوم للأبد، لم يخطر في بالي يوماً أن تُهدم سعادتهما بيد أعراف مجتمعنا التي يقدسها لأنها تركة الاجداد لا لأنها تقوم على أساس شرع ودين أو حق وصواب ،في بيتنا كانت تقام طقوس السعادة ليل نهار، وفي جهة مقابلة او في بيت آخر عقد قران مصيره بمصير بيتنا بمباركة تلك الأعراف في الزواج التي يطلق عليها اسم "زواج البدل "  هي عادة إجتماعية  تُزوج فيها فتاة مقابل آخرى  دون مهر فيرتبط مستقبلهما  ببعضهما كارتباط في زواج كاثوليكي لا يفرق بينهما إلا الموت لا مجال أن يحيد مصير أحدهما عن مصير الاخرى .
في ذلك البيت الاخر " بيت خالي وعمتي " ، كانت أغربة البؤس تنعق فيه بالجراب، وتنذر بوقوع الطلاق في أي لحظة ،كنت مشغولة بحياتي أو كنت صغيرة كفاية حتى لا يشغل بالي مشاكل الكبار فلم أكن أهتم بذلك المصير الواقف على جرف هار،حتى سقطنا في ذلك الجرف فوقع الطلاق ، وتجبرت الأعراف والعادات البالية على جنتي الصغيرة وحكمت بتشتيت الحبيبين ،حاول أبي جاهداً أن يذود عن حبه ولكن تسلط جدي وسطوته قمعت ثورته ورضخ لمطلبه .
ايه ..ذلك اليوم وأنا أقف أنظر لأمي وهي تجمع ثيابها لتغادر ذلك البيت الذي أقفرت منه السعادة ،حاولت جيداً  استيعاب ما يحدث فلم أستطيع عندها سألتها ببراءة الأطفال : الى أين ستذهبين ؟
نظرت لي والدمع ملئ عينيها وصمت ثم صمت وأشاحت بوجهها عني وشرعت بالبكاء ثم نظرت لي وسألتني : حلوتي أترغبين بالعيش معي أم مع أبيك ؟
سؤالها اربكني كنت في الثامنة من عمري متشوقة للنضوج  فكنت دوماً أطالب أمي أن تعاملني كما الكبار يومها فعلتْ ووضعتْ بيدي دفة قرار مهم في حياتي وحياتهما، فصمت ثم صمت كيف أختار بين أبي وأمي كيف أختار بين عيني اليمنية واليسرى كلاهما جزء مني وفقد أحدهما مؤلم وبعده محزن ، لكني في لحظة قررت أن أتخذ قرار .
تقدمت نحوها فنظرت لي ضممتها بقوة وودت يومها لو ألتحم بها فلا نفترق أبداً قبلتها يومها قبلة لا أعلم تحديداً عما أردت أن أعبر عن أسفي على قرار سأتلوه عليها بعد لحظات أو عن حزني لفراقها قبلتها تلك القبلة وتراجعت خطوتين للوراء شعرت لحظتها أني كبرت أعوام كثيرة نظرت لها بحزم وقلت : قررت أن أعيش مع أبي .
بكت يومها بحرقة لازال صوت بكائها يئن في رأسي تقدمت نحوي لتحتضني وربما أرادت تقبيلي لكني فررت هاربة منها خرجت من البيت الى الحديقة كان أبي يقف في طرفها صامتا وقفت قربه وصمت أيضاً لم ألتفت ورائي لأنظر إذا تبعتني ، وغادرت يومها دون أن أراها ،أعلم جيدا أنها احترمت قراري ، كنت صغيرة نعم ،لكني أدركت ببراءة الأطفال أن أبي بحاجة لي اكثر منها فأبي كان في تلك اللحظة الطفل الذي أجبر على كسر لعبته المفضلة أي حزنه كان يسكنه هكذا أدرت حواري الداخلي كان أبي في نظري طفل تخلى عن كنزه ، هو كذلك فعلا أحب أمي بشغف فلم يتزوج بعدها ،هي لم تجد مفر من الزواج حتى لا تبقى تحت رحمة أسرتها ، كنت أزورها بأوقات متقطعة رؤيتها كانت تؤلمني رغم اشتياقي لها ،لم أقبلها أبدا كنت أُبدي امتعاضي كلما حاولت لاقتراب مني لتقبيلي فتبتعد ، كنت طفلة قاسية على أمٍ لا ذنب لها في أقدار مرسومة لنا .
أعوام مضت ،وها أنا كل ليلة أخلد للنوم متوسلة الأحلام أن تأتيني بها لتقبل جبيني ، أعشق قبلتها حلماً وأرفضها واقعاً، فأنا أريد للقبل المتبادلة بينا أن تحمل في ذاكرتها أن آخر قبلة كانت بينا قبلة أسفي لها يوم تخليت عنها .  
مرسلة بواسطة .:: مــ ج ـروحـ،،ــة الــفــؤاد ::. في الثلاثاء, مارس 06, 2012 إرسال بالبريد الإلكتروني كتابة مدونة حول هذه المشاركة ‏المشاركة على X ‏المشاركة في Facebook

الثلاثاء، 28 فبراير 2012

حبٌ بنكهة الملح




هز الطبيب رأسه مستنكراً ردي عليه وهو يردد تلك العبارة التي مللت سماعها " الأطعمة المالحة مضرة بجسمك وتسبب لك المشاكل الصحية " ولكني لا أنفك ألقمه جوابي الذي لا مجال لتبديله بآخر " أحب الطعام المالح " .
لا أحد ممن حولي يعي سر ولعي الشديد بالطعام المالح، البعض يسدي لي النصح محاولاً إقناعي بالابتعاد عنه، معللاً ذلك بأن الحياة فيها من المرارة والملوحة ما يكفينا ، وزوجتي ضجرت من كثرة ما أخبرتني أن الأطعمة المالحة تسبب السمنة التي أعاني منها أصلا ، لا آبه بما يقال لي وكأن في أذني وقرا ، في ثنايا روحي وأعماق ذاتي أعلم جيدا لم أحب الطعام المالح ولن أكف عن تناوله .

كنت الولد الأوسط بين خمسة أخوة، لم أتربى في أسرة رغيدة مترفة ،ولا في أسرة يسودها الأمان العاطفي ، هي فقط أمي من كانت تمنح طفولتي شعاع نور، كنت منبوذاً من أخوتي الكبار ،لأنني كنت ضعيف البنية وكان أولاد الجيران يتنمرون عليّ ، كان أخوتي يخجلون من ضعفي ، كنت أعود للبيت باكياً  فتستقبلني أمي بضمة لصدرها وتقول : " أولاد ..عندما تكبر ستكون ذا شأن وأولئك الفاشلين سيكونون في أدني المراتب أنت الأذكى في الحي لذلك يغارون منك ويضايقونك " ، كانت تكفكف دمعي وترسم لي ابتسامة وتريني الأحلام الجميلة التي يعجز أولاد الجيران عن رؤيتها ،
فأخلد للنوم وحبور يغمرني أن لي أماً مثلها ،لكني كنت أشعر بتمزق داخلي عندما كنت أستيقظ ليلاً لأجدها تبكي ، وأعجز عن ضمها وأن أريها الأمور من منظور آخر كي تخلد للنوم والحبور يغمرها ، لاأعلم حتى بعدما كبرت لم كنت أصاب بالعجز ، عاجز عن أمور كثيرة عن فهم سبب ضرب أبي لها ، لم كانا يتشاجران ؟، لكني الآن أدرك تماما لم تحملت تلك الحياة ،فقط لأجلي أنا وأخوتي لم تشاء أن تشتت فينا بقايا الأسرة أو أن تتضاربنا  أمواج الظلم الاجتماعي .
كانت تعمل نهاراً في أحد المصانع كعاملة وبعدما تعود من العمل تقوم بأعمال المنزل ، لا أذكر منزلنا يوماً متسخ أو أنها تقاعست عن إعداد الطعام يوما أو قصرت في خدمة أحدنا ، أعترف كلنا ظلمناها ، في البداية أبي الذي تخلى عن مسؤولياته كأب وتحملتها هي ، رغم ذلك لم يكن لها شاكراً ،بل كان متجبراً قاسياً كان معها " حقيراً " ،
كلمة لا تقال من ولد بحق أبيه لكنها الحقيقة ، وأنا وأخوتي  الصبية الخمس لم نساعدها يوماً في أعمال المنزل، بل على العكس كنا نتذمر من كل شيء ، وعندما كبرنا أدرنا لها ظهورنا وذهبنا بعيداً،كل اختلق عذره وبرر لنفسه ولكن الحقيقة أنه لا مبرر لنا ، هي كانت تسعدها سعادتنا ، تحملت الظلم ونحن صغار فلم يثقلها أن تتحمل جفائنا بعدما كبرنا ، آه ..ماذا أفعل الآن بعد فوات الأوان ؟! ليتك تعودين للحياة فقط لأقول لك كم أنا آسف للتقصير بحقك صغيراً وكبيراً .
تجرفني الذكريات لذلك اليوم عندما دعا أبي أهله لتناول الطعام عندنا، أخبرته أمي مسبقاً أن لديها عمل ، لم يبالي وأمرها بإعداد الطعام وأن يكون من أجود الأصناف ،يريد أن يكرم أهله ! .
استيقظت أمي باكراً جدا قبل صلاة الفجر بكثير ، وبدأت بتجهيز الطعام الذي اشترت جميع مكوناته من نقودها لتكرم أهل أبي ، وعندما لاح الصباح وحان موعد مدرستي ذهبت هي لعملها ، لم تغيب طويلا في العمل كعادتها استأذنت رب عملها وعادت للبيت قبل الظهيرة لتجدني متغيب عن المدرسة ،لا اعلم لم رغبت يومها في مساعدتها كنت قد رتبت المنزل في غيابها ، أكملت إعداد الطعام وجهزت السفرة ، جاء ضيوفنا المنتظرين ،جلسنا جميعا حول المائدة كان الطعام شهي الرائحة، شهي المنظر، لكنه مالح فثار أبي غضباً بوجه أمي أمام جدي وجدتي وعمتي، بدأ بإهانتها بألفاظه سامة ، الجميع صمت لكني لم أتحمل ثورة أبي ، أبعد ما تكبدته من عناء أهذا شكرها ؟!! لم أشعر بالعجز لحظتها عندما وقفت في وجهه صارخاً " كفى ..كفى.. أنا من أضاف الملح للطعام أثناء غيابها في العمل "
كانت صرختي كفيلة أن يقف أبي دقيقةً مشدوها مصدوما من كلماتي، ليسأل غاضباً : لماذا ؟؟
فأخبرته بهدوء ببرود لا أعلم كيف استعمرني  : لأني أحب الطعام المالح .
كانت أول مرة في حياتي أتلفى عقاب على شيء لم أفعله بكل سعادة ورضا ، ومنذ ذلك اليوم وأنا أحب الطعام المالح ولم أكف عن حبه . 

مرسلة بواسطة .:: مــ ج ـروحـ،،ــة الــفــؤاد ::. في الثلاثاء, فبراير 28, 2012 إرسال بالبريد الإلكتروني كتابة مدونة حول هذه المشاركة ‏المشاركة على X ‏المشاركة في Facebook
رسائل أقدم

About Me

صورتي
.:: مــ ج ـروحـ،،ــة الــفــؤاد ::.
الدقائق الاخيرة قبل أن يرفع الستار عن جرح ِفراق ٍٍحلَ طيفه على ربى ايامي ، استباحَ فرحةَ قلبي مزق كبرياء غروري ، لم يترك لي سوا الدمع خليلا ، وبقايا حنين قوتا في دهاليز الذكريات ،،، وقلبا مكلوما أَجِّدُ في تعلميه التحليق في سماء الآمال والرجاء ورغم سيل الأحزان الذي أغرق خلايا فؤادي وتركني مجروحة الفؤاد لازال هناك إيمان راسخ لم تستطع تلك الأحزان الغازية من تنكيس لوائه ولا استباحة حصونه ،،
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زفرة

تسمو الارواح وترتقي الي البهو الخفي للكون هناك حيث الصراخ بأعلى الصوت بكل الهمسات المكتومة والبوح المذبوح على مسرح الايام


لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

لان الثواني تُزهق روح الجراح

جرح الروح

جرح الروح

Blog Archive

  • ▼  2012 (8)
    • ▼  مايو (1)
      • ملاكيّ الحارسان :)
    • ◄  أبريل (1)
    • ◄  مارس (2)
    • ◄  فبراير (3)
    • ◄  يناير (1)
  • ◄  2011 (36)
    • ◄  ديسمبر (2)
    • ◄  نوفمبر (1)
    • ◄  سبتمبر (2)
    • ◄  يوليو (2)
    • ◄  يونيو (4)
    • ◄  مايو (2)
    • ◄  أبريل (6)
    • ◄  مارس (3)
    • ◄  فبراير (4)
    • ◄  يناير (10)

Followers

 
Copyright (c) 2010
.:: مــ ج ـروحـ،،ــة الــفــؤاد ::.
. Designed for Video Games
Download Christmas photos, Public Liability Insurance, Premium Themes