skip to main | skip to sidebar

.:: مــ ج ـروحـ،،ــة الــفــؤاد ::.

هناأعشق دفءحروفي وألوذ للكلم عندما تضيق بالهم ظروفي

Pages

  • الصفحة الرئيسية

الثلاثاء، 28 فبراير 2012

حبٌ بنكهة الملح




هز الطبيب رأسه مستنكراً ردي عليه وهو يردد تلك العبارة التي مللت سماعها " الأطعمة المالحة مضرة بجسمك وتسبب لك المشاكل الصحية " ولكني لا أنفك ألقمه جوابي الذي لا مجال لتبديله بآخر " أحب الطعام المالح " .
لا أحد ممن حولي يعي سر ولعي الشديد بالطعام المالح، البعض يسدي لي النصح محاولاً إقناعي بالابتعاد عنه، معللاً ذلك بأن الحياة فيها من المرارة والملوحة ما يكفينا ، وزوجتي ضجرت من كثرة ما أخبرتني أن الأطعمة المالحة تسبب السمنة التي أعاني منها أصلا ، لا آبه بما يقال لي وكأن في أذني وقرا ، في ثنايا روحي وأعماق ذاتي أعلم جيدا لم أحب الطعام المالح ولن أكف عن تناوله .

كنت الولد الأوسط بين خمسة أخوة، لم أتربى في أسرة رغيدة مترفة ،ولا في أسرة يسودها الأمان العاطفي ، هي فقط أمي من كانت تمنح طفولتي شعاع نور، كنت منبوذاً من أخوتي الكبار ،لأنني كنت ضعيف البنية وكان أولاد الجيران يتنمرون عليّ ، كان أخوتي يخجلون من ضعفي ، كنت أعود للبيت باكياً  فتستقبلني أمي بضمة لصدرها وتقول : " أولاد ..عندما تكبر ستكون ذا شأن وأولئك الفاشلين سيكونون في أدني المراتب أنت الأذكى في الحي لذلك يغارون منك ويضايقونك " ، كانت تكفكف دمعي وترسم لي ابتسامة وتريني الأحلام الجميلة التي يعجز أولاد الجيران عن رؤيتها ،
فأخلد للنوم وحبور يغمرني أن لي أماً مثلها ،لكني كنت أشعر بتمزق داخلي عندما كنت أستيقظ ليلاً لأجدها تبكي ، وأعجز عن ضمها وأن أريها الأمور من منظور آخر كي تخلد للنوم والحبور يغمرها ، لاأعلم حتى بعدما كبرت لم كنت أصاب بالعجز ، عاجز عن أمور كثيرة عن فهم سبب ضرب أبي لها ، لم كانا يتشاجران ؟، لكني الآن أدرك تماما لم تحملت تلك الحياة ،فقط لأجلي أنا وأخوتي لم تشاء أن تشتت فينا بقايا الأسرة أو أن تتضاربنا  أمواج الظلم الاجتماعي .
كانت تعمل نهاراً في أحد المصانع كعاملة وبعدما تعود من العمل تقوم بأعمال المنزل ، لا أذكر منزلنا يوماً متسخ أو أنها تقاعست عن إعداد الطعام يوما أو قصرت في خدمة أحدنا ، أعترف كلنا ظلمناها ، في البداية أبي الذي تخلى عن مسؤولياته كأب وتحملتها هي ، رغم ذلك لم يكن لها شاكراً ،بل كان متجبراً قاسياً كان معها " حقيراً " ،
كلمة لا تقال من ولد بحق أبيه لكنها الحقيقة ، وأنا وأخوتي  الصبية الخمس لم نساعدها يوماً في أعمال المنزل، بل على العكس كنا نتذمر من كل شيء ، وعندما كبرنا أدرنا لها ظهورنا وذهبنا بعيداً،كل اختلق عذره وبرر لنفسه ولكن الحقيقة أنه لا مبرر لنا ، هي كانت تسعدها سعادتنا ، تحملت الظلم ونحن صغار فلم يثقلها أن تتحمل جفائنا بعدما كبرنا ، آه ..ماذا أفعل الآن بعد فوات الأوان ؟! ليتك تعودين للحياة فقط لأقول لك كم أنا آسف للتقصير بحقك صغيراً وكبيراً .
تجرفني الذكريات لذلك اليوم عندما دعا أبي أهله لتناول الطعام عندنا، أخبرته أمي مسبقاً أن لديها عمل ، لم يبالي وأمرها بإعداد الطعام وأن يكون من أجود الأصناف ،يريد أن يكرم أهله ! .
استيقظت أمي باكراً جدا قبل صلاة الفجر بكثير ، وبدأت بتجهيز الطعام الذي اشترت جميع مكوناته من نقودها لتكرم أهل أبي ، وعندما لاح الصباح وحان موعد مدرستي ذهبت هي لعملها ، لم تغيب طويلا في العمل كعادتها استأذنت رب عملها وعادت للبيت قبل الظهيرة لتجدني متغيب عن المدرسة ،لا اعلم لم رغبت يومها في مساعدتها كنت قد رتبت المنزل في غيابها ، أكملت إعداد الطعام وجهزت السفرة ، جاء ضيوفنا المنتظرين ،جلسنا جميعا حول المائدة كان الطعام شهي الرائحة، شهي المنظر، لكنه مالح فثار أبي غضباً بوجه أمي أمام جدي وجدتي وعمتي، بدأ بإهانتها بألفاظه سامة ، الجميع صمت لكني لم أتحمل ثورة أبي ، أبعد ما تكبدته من عناء أهذا شكرها ؟!! لم أشعر بالعجز لحظتها عندما وقفت في وجهه صارخاً " كفى ..كفى.. أنا من أضاف الملح للطعام أثناء غيابها في العمل "
كانت صرختي كفيلة أن يقف أبي دقيقةً مشدوها مصدوما من كلماتي، ليسأل غاضباً : لماذا ؟؟
فأخبرته بهدوء ببرود لا أعلم كيف استعمرني  : لأني أحب الطعام المالح .
كانت أول مرة في حياتي أتلفى عقاب على شيء لم أفعله بكل سعادة ورضا ، ومنذ ذلك اليوم وأنا أحب الطعام المالح ولم أكف عن حبه . 

مرسلة بواسطة .:: مــ ج ـروحـ،،ــة الــفــؤاد ::. في الثلاثاء, فبراير 28, 2012 إرسال بالبريد الإلكتروني كتابة مدونة حول هذه المشاركة ‏المشاركة على X ‏المشاركة في Facebook
رسالة أحدث رسالة أقدم الصفحة الرئيسية

About Me

صورتي
.:: مــ ج ـروحـ،،ــة الــفــؤاد ::.
الدقائق الاخيرة قبل أن يرفع الستار عن جرح ِفراق ٍٍحلَ طيفه على ربى ايامي ، استباحَ فرحةَ قلبي مزق كبرياء غروري ، لم يترك لي سوا الدمع خليلا ، وبقايا حنين قوتا في دهاليز الذكريات ،،، وقلبا مكلوما أَجِّدُ في تعلميه التحليق في سماء الآمال والرجاء ورغم سيل الأحزان الذي أغرق خلايا فؤادي وتركني مجروحة الفؤاد لازال هناك إيمان راسخ لم تستطع تلك الأحزان الغازية من تنكيس لوائه ولا استباحة حصونه ،،
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زفرة

تسمو الارواح وترتقي الي البهو الخفي للكون هناك حيث الصراخ بأعلى الصوت بكل الهمسات المكتومة والبوح المذبوح على مسرح الايام


لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

لان الثواني تُزهق روح الجراح

جرح الروح

جرح الروح

Blog Archive

  • ▼  2012 (8)
    • ◄  مايو (1)
    • ◄  أبريل (1)
    • ◄  مارس (2)
    • ▼  فبراير (3)
      • حبٌ بنكهة الملح
      • حب ٌ بنكهة القهوة
      • أوطان للتبني
    • ◄  يناير (1)
  • ◄  2011 (36)
    • ◄  ديسمبر (2)
    • ◄  نوفمبر (1)
    • ◄  سبتمبر (2)
    • ◄  يوليو (2)
    • ◄  يونيو (4)
    • ◄  مايو (2)
    • ◄  أبريل (6)
    • ◄  مارس (3)
    • ◄  فبراير (4)
    • ◄  يناير (10)

Followers

 
Copyright (c) 2010
.:: مــ ج ـروحـ،،ــة الــفــؤاد ::.
. Designed for Video Games
Download Christmas photos, Public Liability Insurance, Premium Themes